zee-games
السلام عليكم زائرنا الكريم في منتديات غوغل فوريم فمرحبا بكم

إذا لم تكن مستجلا معنا فتفضل بالتسجيل في المنتدى

فإذا كنت مسجلا فتفضل بالدخول

ومرحبا بكم في منتديات

googleforum
zee-games
السلام عليكم زائرنا الكريم في منتديات غوغل فوريم فمرحبا بكم

إذا لم تكن مستجلا معنا فتفضل بالتسجيل في المنتدى

فإذا كنت مسجلا فتفضل بالدخول

ومرحبا بكم في منتديات

googleforum
zee-games
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

zee-games

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فمرحبا بك معنا
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 للتعايش بين الأديان

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
مدير المنتدى
مدير المنتدى
Admin


عدد المساهمات : 146
نقاط : 32
تاريخ التسجيل : 24/11/2010
العمر : 34

للتعايش بين الأديان Empty
مُساهمةموضوع: للتعايش بين الأديان   للتعايش بين الأديان Emptyالإثنين يناير 10, 2011 3:53 am

التعايش هو ضربٌ من التعاون الذي يقوم على أساس الثقة والاحترام المتبادلين، والذي يهدف إلى غايات يتفق عليها الطرفان، أو الأطراف التي ترغب في التعايش، وتمارسه عن اقتناع وطواعية، وباختيار كامل. فكيف يتم هذا التعايش ؟ ما أساليبه وطرقه ووسائله ؟ ما قنواته ؟ ثم، ما أهدافه وغاياته ؟.

يتعيّن علينا بادىء الأمر، أن نؤكد تأكيداً جازماً، أن التعايش الذي نفهمه، ونؤمن به، والذي نرحب بالتعاون من أجل إقراره، لا يعنى بأية حال من الأحوال، تمييع المواقف، وخلط الأوراق، ومزج العقائد وتذويبها وصبّها في قالب واحد، حتى وإن زعموا أنه قالبٌ إنسانيٌّ في الصميم. ذلك أن أصحاب العقائد السليمة لا يقبلون هذا الخلط المريب الغامض، ويرفضون ـ رفضاً بصيراً واعياً ـ أن يفرطوا في خصوصياتهم ومقوّماتهم وقيمهم، خشية أن يوصموا بالتعصب، أو حتى يظفروا بصفة التحرّر من العقد المركبة. إن التعايش الذي يُسلب المسلم هويتَه، ويجعل توازنَه يختلُّ، وكيانَه يهتزّ، هو ليس بتعايش، وإنما هو غشّ، واحتيال، وتضليل.

أما إذا كان التعايش، هو أن يحتفظ كلُّ طرف بدينه كاملاً غير منقوص، ويتشبث بمكوّنات هويته وافرةً غير مثلوبة، كان هو عين القصد، وجوهر التعامل الذي نسعى إلى إقامته مع غير المسلمين.

إن التعايش بين المسلمين وبين غيرهم من أهل الأديان، ينبغي أن ينطلق من الثقة والاحترام المتبادلين، ومن الرغبة في التعاون لخير الإنسانية، في المجالات ذات الاهتمام المشترك، وفيما يمسّ حياة الإنسان من قريب، وليس فيما لا نفع فيه، ولا طائل تحته.

ولعلَّ الإطار الذي رسمه الشيخ محمد الغزالي يرحمه اللَّه للتعايش، يمثّل في رأينا، الصيغة المثلى لتحديد صورة هذا التعايش بين المسلم وبين غير المسلم، فقد وضع، ثلاثة مبادىء للتعايش والحوار، هي :

أولاً : الاتفاق على استبعاد كل كلمة تخدش عظمة اللَّّه وجلاله، فأنا وأنت متفقان على أن الله قد أحاط بكل شيء علماً، وأنه لا يُعجزه شيءٌ في السماوات ولا في الأرض، وأن رحمته وسعت كلَّ شيء، وأنه ليس متصفاً بالنقائص والعيوب التي تشيع بين البشر ...الخ.

ثانياً : الاتفاق على أن اللَّه يختار رسله من أهل الصدق والأمانة والكياسة.

ثالثاً : ما وجدناه متوافقاً في تراثنا نرُدُّ إليه ما اختُلِفَ فيه، وبذلك يمكن وضع قاعدةٍ مشتركةٍ بين الأديان ().

من هذه القاعدة يمكن أن ننطلق، على سبيل المثال لا الحصر، في اتجاه تعميق البحث العلمي في إطار جهود مشتركة للوصول إلى نتائج تدعم أسس التعايش الذي هو في البدء والختام، التعاونُ بين المؤمنين في الأرض على ما فيه الخيرُ والصلاح للإنسانية جمعاء. والبحثُ العلميُّ النزيهُ عن اتصال الأديان وآثار ذلك الاتصال، خطوةٌ صالحةٌ، في سبيل السلام العالمي، والأخوة الإنسانية، التي سَمَتْ إليها الروح الدينية العالية، وحلمت بها الفلسفة منذ شروق شمس الحياة الفكرية، ثم لا تزال تتطلّع إليها العناصر الكريمة في الحياة العاملة، وهو بحثُ يوسّع أفق المتدينين، ويدفعهم من التديّن إلى أطهر معانيه، على حين هو في الوقت نفسه، واجبٌ علميٌّ لخدمة الحقيقة، يتولاه الباحثون في تاريخ الأديان، ومقارنتها().

والاشتراك في جهود علمية ثقافية في هذا المجال، يعود بالفائدة على المؤمنين جميعاً، لأن هذه الجهود تصبُّ في اتجاه تعميق التفاهم بين أهل الأديان، وإشاعة القيم الإنسانية في أوساطهم، وإقامة جسور للتقارب الإنساني الذي يعلو على التقارب الفكري والثقافي.

والتعاون بين الأديان في المحافظة على سلامة البيئة، وفي محاربة الأمراض الخطيرة، وفي القضاء على التفرقة العنصرية، وفي رفع الظلم عن الشعوب والطوائف والفئات التي تتعرض للاضطهاد، هو مجالٌ واسعٌ للتعايش بين المؤمنين.

كذلك ينبغي أن يشمل التعايش بين الأديان العملَ المشترك لمحاربة الإلحاد، والانحلال الخلقي، وتفكك الأسرة، وانحراف الأطفال، ومقاومة كل الآفات والأوبئة التي تتهدّد سلامة كيان الفرد والجماعة، وتضر بالحياة الإنسانية.

ويجب أن يتسع مفهومُ التعايش بين الأديان للقضاء على أسباب التوتر واضطراب حبل الأمن والسلام وعدم الاستقرار في أنحاء عديدة من العالم، مثل فلسطين، والبوسنة والهرسك، وإقليم كوسوفو، وكشمير، والفليبين، وفي مناطق كثيرة في أفريقيا وآسيا، فيكون العمل في هذا النطاق تعايشاً نافعاً ومُجدياً وذا تأثيرٍ في حياة الناس وواقعهم المعيش. وبذلك يصير التعايش بين الأديان وسيلةً فعالة لدعم جهود المجتمع من أجل السلام وإقامة العلاقات السليمة بين الشعوب والأمم في ظلّ سيادة القانون الدولي، واحترام حقوق الإنسان، وإقرار الحريات الأساس المنصوص عليها في المواثيق والعهود والأوفاق الدولية.

وينبغي أن يتجه التعايش بين الأديان نحو إنصاف المظلومين والمقهورين في الأرض جميعاً من دون استثناء، وإلزام كل من يمارس الظلم والقهر والإرهاب على مستوى الدولة أو على مستوى الأفراد والجماعات، باحترام أحكام القانون الدولي، والانصياع إلى تعاليم الأديان السماوية. ولا يجوز أن يُخرج التعايش بين الأديان من نطاق اهتماماته، محاربةَ الظلم والعدوان والاستيلاء على أراضي الغير بالقوّة، تحت أية دعوى من الدعاوي، أو مهادنة الجهة التي ترتكب هذه الجرائم بحجة عدم الخوض في المسائل السياسية، فمن أهداف التعايش بين الأديان، العملُ على إقرار مبادئ الحق والعدل واحترام كرامة الإنسان من حيث هو إنسان وكفى. فهذه المبادئ والتعاليم هي القاسم المشترك بين جميع الأديان.

ويجب أن يكون التعايش بين الأديان دعماً للجهود الخيّرة التي يبذلها المجتمع الدولي من أجل التعايش الحضاري والثقافي بين الأمم والشعوب، وأن يكون قوّة دفع لهذه الجهود نحو تطويرها، وإغنائها، وتعميمها. وحتى يكون التعايش بين الأديان في خدمة السلام العادل، يجب أن تتحرّر الأطراف المشاركة فيه، من كل القيود والضغوط والارتباطات التي تتعارض ومبادئ هذا التعايش وأهدافه.

إن هناك تأثيراً واضحاً لليهودية الصهيونية على بعض الأطراف المسيحية، تتجلى مظاهرهُ في مواقف عديدة تصبُّ جميعُها في الاتجاه المناهض للحقائق التاريخية. وعلى سبيل المثال، ظهرت في بريطانيا أولاً، ثم في الولايات المتحدة الأمريكية حركات دينية مسيحية إنجيلية، أهمها وأقـــواها هي ما يُعرف بالحــركــة التدبيرية ـ DISPENSATIONALISM ـ وهذه الحركة تؤمن بأن في الكتاب المقدس، وخاصة في سفر حزقيال، وسفر الرؤيا، وسفر يوحنا، نبوءات واضحة حول الوصايا التي يحدّد اللَّه فيها كيفية تدبير شؤون الكون ونهايته : عودة اليهود إلى فلسطين، قيام إسرائيل، وقوع محرقة "هَرْمَجَدُّون" النووية، انتشار الخراب والدمار ومقتل الملايين، وظهور المسيح المُخَلِّص، مبادرة من بقى من اليهود إلى الإيمان بالمسيح، انتشار السلام في مملكة المسيح مدة ألف عام. وهي حركة تضم أكثر من أربعين مليون أمريكي، وكان من بين أعضائها الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغان، وتسيطر هذه الحركة على قطاع واسع من المنابر الإعلامية الأمريكية، وبصور ة خاصة المتلفزة، ويشارك قادتُها كبارَ المسؤولين الأمريكيين في البيت الأبيض، والبنتاغون، ووزارة الخارجية، في صناعة قراراتهم السياسية والعسكرية من الصراع العربي ـ الصهيوني. وأتباع هذه الحركة يؤمنون بأن اليهود هم شعب اللَّه المختار، وبحقّ اليهود في التجمّع في أرض فلسطين. وهذه الحركة هي الأساس الراسخ للصهيونية المسيحية().

وعلى الرغم من أن هناك كنائس مسيحية كاثوليكية في الدرجة الأولى، وحتى كنائس إنجيلية، مثل الكنيسة المشيخية (بالإضافة إلى الكنائس الشرقية الأرثوذكسية)، تنبذ هذه الأفكار وتعتبرها دخيلةً على المسيحية ومُقوِّضة لأركانها الإيمانية)، فإن قوّة هيمنة هذه الحركة في الولايات المتحدة الأمريكية، تجعلها نافذة وقادرة على الانتقال والتوسّع والامتداد، وإن كان في أشكال مختلفة. وقد رأينا في الفترة الأخيرة كيف أن الفاتيكان قد اتخذ قرارات تاريخية بإزاء اليهود تدخل في صميم العقيدة المسيحية المتوارثة جيلاً بعد جيل، وهي قرارات تخدم في المقام الأول السياسيةَ الصهيونية.

من أجل هذا كلّه، ينبغي الحذر من أن يقع التعايش بين الأديان تحت تأثير مثل هذه الحركات والأفكار التي تبرأ منها المسيحية، والتي تخدم أهدافاً سياسية خطيرة تتعارض مع الأهداف الإنسانية النبيلة، لأن أي طرف مسيحي يشارك ويندمج في التعايش بين الأديان، يقع تحت تأثير مثل هذه الحركات ــ التي يحقّ لنا أن نصفها بأنها هدَّامةٌ للتعايش من حيث هو ــ من شأنه أن يعرّض كلَّ جهد يبذل في هذا المجال للخطر، بأن يفقده جدواه ويفرغه من قيمته ويسلبه أهميته.

إن التعايش بين الأديان، الذي هو في الوقت نفسه تعايُشٌ بين الثقافات والحضارات، إن لم يكن الهدف منه خدمة الأهداف السامية التي يسعى إليها الإنسان، ضاع المعنى الإيجابي منه، وصار إلى الدعاية واللجاجة، أقرب منه إلى الصدق والتأثير في حياة الإنسان المعاصر. ومن أجل ذلك، يتوجب علينا نحن المسلمين، أن ندقّق في الأغراض والمرامي التي تنطوي عليها الدعوات التي تصدر عن بعض الأطراف إلى الحوار مع الأديان والثقافات والحضارات، والتي تدعونا إلى التعايش مع أهل هذه الأديان والمنظومات العقائدية، حتى لا نكون ضحية للغشّ الثقافي والديني، الذي هو أشدّ خطراً وأقوى أثراً وأسوأ عاقبةً، من الغشّ التجاري والصناعي.

إننا، ومن واقع تقديرنا للمخاطر التي تتهدّد البشرية في هذه المرحلة من التاريخ، نؤمن بأن التعايش مع الأديان بصفة خاصة، ضرورةٌ من الضرورات الملحة التي يفرضها الحفاظُ على سلامة الكيان الإنساني، ويُمليها الحرصُ المشترك على البقاء الحرّ الكريم فوق هذا الكوكب.

ولا يخامرنا شك في أن التعايش بين الأديان، سيكون أشدّ إلحاحاً في المستقبل القريب، لما يبدو لنا من مؤشّرات في الأفق تؤكّد جميعُها على أن القرن الحادي والعشرين، سيعرف أزمات شديدة الوطء على المستوى السياسي والاقتصادي، وعلى الصعيد الحضاري والثقافي معاً. وفي مثل هذا المناخ، تتضاعف أهميةُ رسالة الأديان السماوية، وتَتَعَاظَمُ مسؤولية المؤمنين في الدّفع بالتعايش بين الأديان نحو الاتجاه الصحيح، عملاً بالتوجيه الربَّاني في قوله تعالى { قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم، ألا نعبد إلاَّ اللَّه، ولا نشرك به شيئاً، ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون اللَّه، فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنَّا مسلمون }().

ويمكن لنا أن نستنبط من هذه الآية الكريمة القاعدة الشرعية التي تحدّد موقف الإسلام من التعايش بين الأديان. إن (كلمة سواء) التي أمر اللَّه سبحانه وتعالى نبيّه محمداً صلى اللَّه عليه وسلم، بأن يدعو أهل الكتاب إليها، يأتي بيانُها المفصَّلُ في ثلاثة أمور رئيسَة، هي إن كانت تدور حول التوحيد والإقرار بالربوبية والألوهية للَّه عزَّ وجل، فإن الحسّ المؤمن يستمدّ منها معاني وإشارات ذات علاقة بواقع الناس في معاشهم وحياتهم، وهي :

أولاً : ألاَّ نعبد إلاَّ اللَّه؛

ثانياً : ولا نشرك به شيئاً؛

ثالثاً : ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون اللَّه.

فهذه الآية هي القاعدة الذهبية للتعايش بين الأديان، لأنها تدعو إلى إفراد اللَّه بالعبودية، وإلى عدم الإشراك به، وإلى رفض الطغيان والجبروت والكبرياء وفرض الهيمنة، وذلك بأن يتخذ الناس بعضهم بعضاً أرباباً من دون اللَّه، يستوحون منهم التعاليم والمبادئ، أو يخشونهم، أو يخضعون لما يملكونه من قوّة باطشة، مما يؤدي إلى خلل في الكيان الإنساني، وإلى الفوضى في العالم. فليكن التعايش بين الأديان إذن، من أجل اللَّه وحده لا شريك له، ومن أجل الحياة الإنسانية الحرّة الكريمة، في ظلّ الإيمان والخير والفضيلة وما فيه مصلحةُ الإنسان في كلّ الأحوال.

ليس ثمّة أبلغ وأوفى بالقصد من الآية الكريمة { قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم }، في الدلالة على عمق مبدأ التعايش في مفهوم الإسلام. ذلك أن المساحة المشتركة بين المسلمين وأهل الكتاب مساحة واسعة، وإذا كان الإسلام قد جعل في قلوب المسلمين متسعاً للتعايش مع بني الإنسان كافّة، ففيه من باب أولى، متسعٌ للتعايش بين المؤمنين باللَّه، وإن كان هذا التعايش لا يعني أننا متفقون في كل شيء، فإذا اشترطتُ ألا أبذل الحسنى إلاَّ لمن كان مثلى تماماً (مسلماً أم غير مسلم)، فمعنى ذلك أنني لا أحب إلاَّ نفسي، وأن الاختلاف معناه العداوة(24).

إن التعايش في الإسلام ينطلق من قاعدة عقائدية، وهو ذو جذور إيمانية،ولذلك فإن مفهوم التعايش من منظور الإسلام ليس هو من جملة المفاهيم الوضعية الحديثة التي صيغت منها قواعد القانون الدولي. إن المسلم يعتقد أن الهدي الإلهي جاء عبر سلسلة طويلة من الرسالات والنبوات آخر حلقاتها اليهوديةُ، فالمسيحية، فالإسلام، فمن الطبيعي إذن أن تكون هذه الأديان الثلاثة أقرب إلى بعضها بعضاً منها إلى سائر الأديان، ويسمى القرآن المسيحيين واليهود (أهل الكتاب)،لأنَّ اللَّه سبحانه وتعالى أنزل التوراة على موسى والإنجيل على عيسى عليهما السلام، قبل أن يتلقى محمد عليه الصلاة والسلام، الرسالة في اكتمالها مصدِّقةً لما بين يديها، ومصوِّبةً ومصحِّحةً ومفصِّلةً أمور الشريعة والقانون بجانب العبادات والأخلاق، فنزل القرآن الكريم وهو الوحيد الباقي على أصله الذي نزل به في لغته الأصلية كلمةً بكلمة وحرفاً بحرف).

ومن أبرز مظاهر التعايش الذي ساد الحضارة الإسلامية عبر العصور، أن الإسلام يعتبر اليهود والنصارى أهلَ ديانةٍ سماويةٍ حتى وإن لم يكن هذا الاعتبار متبادلاً. وعلى الرّغم من أن عدم الإيمان بنبوة محمد عليه الصلاة والسلام، هو عندنا أمرٌ عظيمٌ وشأن خطير، بل هو أمرٌ فارقٌ، فإن الإسلام قد استوعب هذا الخلاف، لا بالتهوين من أمره، أو المهادنة العقيدية له، ولكنه بما رسمه في باب المعاملات من تعاليم تسمح بالتواصل والتراحم رغم خلاف المعتقد).

والتسامح في المنظور الإسلامي هو ثمرة التصوّر الإسلامي للإنسان الذي يقوم على أساس معيارين اثنين، أولهما تحديد غاية الوجود الإنساني، التي يتخذ الإنسان الأسباب لتحقيقها، ومن ثم الالتزام بالأسباب التي تتواءم مع هذه الغاية ولا تصادمها، وثانيهما هو مدُّ الوعي بالوجود الإنساني إلى ما وراء الحياة الدنيا القصيرة الفانية، إلى الحياة الخالدة الباقية. لقد خلق اللَّه الإنسان لأهداف أخرى غير التي خلق الحيوان من أجلها، ولم يكن خلقه مجرد إضافة حيوان جديد إلى قائمة الحيوان، إنما كان إيجاد جنس آخر من الخلق، خلقه اللَّه بقدرته، ليعبد اللَّه على وعي، ويعمر الأرض بمقتضى المنهج الرباني، ومن أجل هذه الغاية وهب له ما وهب من المزايا، وأنزل الكتب لهدايته على أيدي الرسل الكرام صلوات اللَّه وسلامه عليهم، وكان من أهداف إرسال الرسل وإنزال الكتب أن يقوم الناس بالقسط).

ومن ضروب القسط أن يسود التعايش بين الأمم والشعوب، بالمعنى الراقي للتعايش الذي يقوم على أساس العدل في المعاملة، والمساواة في العلاقة. وبهذا المعنى فهم المسلمون القسط في قوله تعالى { لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط }. وقد طبق المسلمون القسط على المستوى اللائق بالإنسان، سواء في معاملة من لا يؤمن بالإسلام وبمبادئه، أو في نظافة المجتمع من الفاحشة، أو في الخدمات الإنسانية التي تقدم للناس، أو في التعاون على البر والتقوى. ويشهد التاريخ أن معاملة المسلمين لغير المسلمين في البلاد المفتوحة كانت مثالاً رائعاً من التسامح لا مثيل له في التاريخ، ويتضح مدى نبله بالمقارنة مع وضع الأقليات الإسلامية التي تقع تحت سيطرة اليهود والنصارى والمشركين عامة).

ولعلَّ من أكبر الأدلّة وأقوى الحجج على قيام الحضارة الإسلامية عبر العصور على أساسٍ متينٍ من التسامح في أسطع معانيه، هو تعايش المسلمين مع أهل الديانات والملل والعقائد في البلدان التي فتحوها خلال هذه القرون المتطاولة. ولو ذهبنا نستقرئ شواهد التاريخ، لما استطعنا أن نحصر في بحث محدود المجال، الأمثلةَ الحيَّةَ على التعايش الإسلامي العديم المثال مع أهل الأديان جميعاً، السماوية منها، وغير السماوية، في حين لا نجد أيَّ مظهر من مظاهر التسامح والتعايش في أدنى مستوياته، لدى غير المسلمين.

ولنا أن نقارن بين مشهدين من المشاهد المؤثّرة في التاريخ الإنساني، الأول هو دخول الخليفة عمر بن الخطاب إلى بيت المقدس فاتحاً، والثاني هو استيلاء القائدين الصليبيين (جودفري) و(تانكرد) على القدس. وننقل عن المؤرخ (تيلور) ما رواه في كتابه (عقل القرون الوسطى) عن المشهد الثاني على لسان أحد القساوسة الذين شاهدوا المدينة بعد استيلاء الصليبيين عليها، وهو القس (ريموند الأجيلي)، فيقول : >... وشاهدنا أشياء عجيبة إذ قطعت رؤوس عدد كبير من المسلمين، وقتل غيرهم رمياً بالسهام، أو أُرغموا على أن يلقوا بأنفسهم من فوق القلاع، وعذّب آخرون أياماً عدة ثم ألقوا في النيران، وكانت الطرقات مليئة بأكوام الرؤوس والأيدي والأقدام، وكان الإنسان أينما ركب جواده وسار، يسير بين جثثَ الخيل والآدميين<().

أما المؤرخ (ول ديورانت) فيروي في موسوعته (قصة الحضارة) عن بعض المعاصرين لهذه الحملة قولهم : >إن النساء كنَّ يقتلن طعناً بالسيوف والحراب، والأطفال الرضع يختطفون بأرجلهم من أثداء أمهاتهم ويُقذف بهم من فوق الأسوار، أو تُهشم رؤوسهم بدقّها بالعُمُد. وذُبح السبعون ألفاً من المسلمين الذين بقوا في المدينة).

ونحن لا نسوق هذه الشواهد التاريخية، إلاَّ لنؤكّد على أن التسامح في الإسلام أصلٌ أصيل، وأن التعايش بين المسلمين وبين غيرهم من أهل الكتاب، مبدأ ثابت من المبادئ التي قامت عليها الحضارة الإسلامية، لا يدفعنا إلى ذلك الرغبة في إنكاء الجراح واستحضار مساوئ التاريخ، إنما يحفزنا إلى الرجوع إلى صحائف التاريخ المشترك بين المسلمين وبين غيرهم من أهل الأديان والشرائع والملل، حرصنا الأكيد على أن نوضّح، وبقدرما نستطيع إلى ذلك سبيلاً، أن التعايش هو قيمة من القيم التي اصطبغت بها الحضارة الإسلامية عبر الأحقاب.

أما ما وقع عند دخول الخليفة عمر رضي اللَّه عنه إلى بيت المقدس، فهو صورة مشرقة للتسامح الإسلامي الذي رسَّخَ قاعدة التعايش الديني والحضاري الثقافي، فقد دخل عمر بيت المقدس، فتلقاه البطريرك وطاف معه أرجاء المدينة حتى دخل كنيسة القيامة، فلما حان وقت الصلاة، قال للبطريرك : أريد الصلاة، فقال له : صلِّ في موضعك، وكان في قلب الكنيسة، فأبى خشيةَ أن يقتدي به المسلمون، ويقولون هنا صلَّى عمر، فصارت الصلاة لنا في داخلها حقاً، وقد يؤول بهم الأمر إلى الاستيلاء على الكنيسة مخالفين بذلك ما نُصَّ عليه في العهد العُمَري) من احترام كنائسهم وتركها بأيديهم، على مظنة أن ما فعله عمر بموافقة البطريرك، تعديلٌ لما شرط في العهد. بل إن عمر خرج وصلى على درج باب الكنيسة، وبعد أن انتهى من صلاته، كتب أمراً بأن لا تُقام في هذا المكان صلاة جماعة، ولا يؤذّن فيه مؤذّن، ثم أتى عمر الصخرة فبنى عليها مسجد الصخرة).

وكما سلفت الإشارة، فإنَّ العبرة من رواية هذا الجانب من تاريخ العلاقات الإسلامية ـ المسيحية، تكمن في تنوير العقل بحقيقة تاريخية شديدة الوضوح، وهي أن التسامح في الإسلام هو عقيدة ثابتة وسلوك راقٍ، بل هو منهج حياة طبَّقه المسلمون في حياتهم الخاصة والعامة، فكان تعاملهم مع غيرهم من أتباع الديانات الأخرى، مثالاً رفيعاً عزَّ نظيرُه للتعايش. وهو الأمر الذي يؤكد بما لا يرقى إليه الشك، أن المسلمين رواد التعايش، وأنهم يملكون، وفي كل الأحوال، استعداداً ذاتياً ليتعايشوا مع من يرغب من أهل الأديان والشرائع والملل والعقائد، في أن يتعايش معهم، من دون أن يكون هذا الاستعداد، تفريطاً في خاصية من خصائص هويتهم، أو تخلياً عن معتقد من معتقداتهم، أو تنازلاً عن حق من حقوقهم. وإنما هو تعايُشٌ يخدم أغراضاً إنسانية سامية، من خلال التفاهم والتعاون والعمل المشترك في الميادين التي تحقّق هذه الأغراض
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://googleforum.yoo7.com
 
للتعايش بين الأديان
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
zee-games :: ؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛°`°؛¤ المنتديات العامة¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛ :: شؤون المغتربين العرب-
انتقل الى: